“سبوتنيك V” صُنع في لبنان: هل تدعم الدولة؟
نظرياً يستعدّ لبنان لدخول نادي الدول المصنّعة للقاح “سبوتنيك V” الروسي المضاد لفيروس كورونا، ولكن عملياً يحتاج الأمر لتضافر جهود القطاع الخاص بمساعدة أجهزة الدولة المختصة.
“أحوال” حاول سبر أغوار هذا الملف المهم ومعرفة حيثياته، وفي هذه الأزمة فإن إقدام القطاع الخاص على توسيع مشاريعه مغامرة بحد ذاتها، وهذا ما هو عليه مصنع “أروان” للصناعات الدوائية الكائن في محلة جدرا في منطقة إقليم الخروب – قضاء الشوف، وبالتالي هو المصنع الوحيد في منطقة الشرق الأوسط التي حصلت مختبراته على موافقة منظمة الصحة العالمية في شباط 2020، وموافقة وزارة الصحة الروسية منذ عام 2018، الأمر الذي شجّع “الروس” للتعاون معه والموافقة على أن يصنّع اللقاح الخاص بهم.
نائب رئيس مصنع “أروان” والمدير العام، د. رويدا دهام، تؤكد في حديث لـ”أحوال” إلى أن “المصنع وإلى جانب تجربته وخبرته الواسعة والهامة في عملية تصنيع الأدوية، فهو يمتلك أهم الكفاءات وأقوى الطاقات البشرية القادرة على إنتاج اللقاح، والكفيلة بأن تعيد للصناعة الوطنية أمجادها وتسلّط الضوء على الصناعة الدوائية في لبنان، في ظلّ تقصير الدولة عن دعم هذا القطاع”.
وفي ظل توفّر الطاقات والقدرات والخبرات في المصنع، ينقص الأخير الدعم المادي من مصرف لبنان لتغطية مصاريف الإنتاج، خصوصاً أن المردود الإقتصادي لتصنيع اللقاح يصل إلى حوالي 600 مليون دولار، في حين أن الدعم المطلوب من المصرف المركزي لا يتخطى الـ 20 مليون دولار، وهو ما ناقشه وفد من إدارة المصنع مع رئيس الجمهورية ميشال عون خلال زيارة قاموا بها برفقة وزير الصناعة في حكومة تصريف الأعمال، عماد حب الله، الأسبوع الماضي، حيث أطلعوا الرئيس عون على كافة التفاصيل، والذي رحّب بدوره بهذه الخطوة وأبدى استعداده لدعم الصناعة الوطنية قدر الإمكان.
من جهة أخرى، تقول د. دهام لموقعنا إنهم “تواصلوا مع الجهات الروسية وتبادلوا المعلومات وقاموا ببعض الإضافات على المصنع، وهم اليوم على جهوزية تامة لتصنيع اللقاح بعد توقيع العقد في روسيا” مؤكدة أن “الطاقات الإنتاجية في المصنع قادرة على توفير اللقاحات للبنان ودول الجوار”.
وتضيف: “وبعد توقيع العقد بحوالي الشهرين، سترسل روسيا المواد الخام لتصنيع اللقاح، ليباشر مصنع “أروان” بعملية الإنتاج، على أن تبدأ عمليات التلقيح بعد حوالي الشهر ونصف الشهر من انتهاء التصنيع، “وذلك بعد تحليل المنتج وإجراء الدراسات المطلوبة، حيث سنرسل عيّنات من اللقاح إلى روسيا للتأكد من أن جميع المواصفات مطابقة لشروطهم، وبعدها ستكون اللقاحات متاحة”.
أما في ما يتعلّق بعدد اللقاحات المنتجة، فتشير دهام إلى أنه تم الاتفاق مع الجهات الروسية على تصنيع مليونين ونصف مليون جرعة في الشهر، “ونحن بالطبع قادرون على تأمينها، فالطاقة الانتاجية كبيرة ويمكننا تصنيع 120 الف vial أو “قارورة” في النهار الواحد، وكل قارورة تحتوي على 5 جرعات، ما يعني أن المصنع قادر على إنتاج حوالي 600 ألف جرعة في اليوم، لكن عملية التصنيع لن تكون يوميّة”، لافتة في حديثها لـ”أحوال” إلى أنه سيتم تصدير اللقاحات إلى الدول المجاورة، أبرزها سوريا والعراق وغيرها.
إذًا، هذه المبادرة الفردية التي أخذها مصنع “أروان” للصناعات الدوائية في لبنان على عاتقه، وسانده فيها الرئيس عون والوزير حب الله، هي أكبر برهان على أن لبنان قادر على المنافسة، وأنه يملك الكفاءة والقدرات اللازمة، وهو قادر على أن يعيد ثقة الخارج به وبصناعاته، إنها الخطوة الحلم أن يكون لبنان مركزاً للصناعات الدقيقة ومصدراً للمنتجات التي تخدم الانسانية، بدلاً من أن يكون مضرب مثل لفساد طبقته السياسية.
ياسمين بوذياب